أحيانا تسأل نفسك لماذا لا ارتاح الى فلان من الناس؟
واحيانا تقول / انا احب فلانا ولا ادري ما السبب؟
ومرة ترى فلانا من الناس يحبك ولا تنجذب انت نحوه ..؟
او انك انت تنجذب الى فلان من الناس وتحس انه لا ينجذب اليك ..!
واحيانا انت والاخر بدرجه واحده من الانجذاب والمحبه
هذه النماذج وسواها.. تدلنا على امر مهم وهو ما يمكن ان نسميه حركة القلوب .. او اسرار حركة القلوب.. وهي بالضبط كما قلنا وعبرنا ( اسرار) لانه احيانا نحن انفسنا ومن نمر بذات التجارب والنماذج سواء التي ذكرناها او سواها لا ندرك ما السر..؟ كل الذي ندريه اننا نشعر ونحس ونعلم هذا من حالنا وانفسنا.. لكن كيف؟ الله اعلم
القلب متحرك ونابض دوما بالحياه.. لا شك في ذلك.. فالتوقف عن النبض يعني الموت.. هذه الحركه العضويه تقابلها حركة روحيه وداخليه عميقه.. بالغة العمق والغموض.. لكن الحركه الروحيه التي نحس بآثارها تختلف عن الحركه العضويه.. فهي حركه يلحقها سكون وثبات مدرك..
فالقلب ابدا ودائما بين حركه وسكون.. فاليوم يتحرك لهذا الامر ويسكن اليه.. فهو السكون المتحرك .. اي انه سكن الى فلان من الناس اثر حركه سببها ما لمحه ورآه في الاخر من امر أناله اعجابه الداخلي ومن ثم تحرك نحوه.. وفي الاخير سكن اليه واستقر .. وغدا ربما يحدث تقلب في هذا القلب فيتحرك الى شيء اخر.. وربما تحرك القلب لامور كثيره فهو قد يحب امورا كثيرة في وقت واحد ..
ولهذا لكي تتحرك القلوب نحو امر ما فلا بد ان تجد سببا يغزوها.. وبالتالي فانه ما دام قلب فلان من الناس لم يجد موطنا يستدعيه للسكنى لدى اخر فانه لن يتحرك نحوه حتى يحدث السبب.. ولهذا فان من اراد ان يستميل احدا نحو ويحركه اليه فانه يلزمه ان يحركه بما يحبه الاخر لا ان يتحرك فقط نحوه بمجرد ارادته ذلك.. اي لو فرضنا ان انسانا يحب فلانا من الناس فانه لكي يحركه نحوه فلينظر مالذي يحبه فلان حتى يجذبه من خلاله ويصرفه نحوه من خلال هذا المدخل.. لا ان يهتم فقط بمشاعره نحوه وبانجذابه وارادته .. فكما انك انت احببت فلانا لسبب ادركته فيه وحركك! فانه هو ايضا يريد ذلك حتى يتحرك اليك..
ولهذا ان وجد ثمة محب ومحبوب فان المحبوب ابدا يظل متبلدا ولا يشعر ولا يحس بالمحب ولا يتحرك حتى يجد الداعي لذلك.. ولهذا طالما اتهم المحبوبون بالجفاء.. وهو ظلم لهم.. لانهم لو شعروا بمحرك يحركهم نحو من احبهم لمالوا اليه فالعدل يقتضي ان يقال / انه كما انه وجد المحب صفات وامورا حركته الى المحبوب وتلذذ بها.. فانه كذلك يريد المحبوب..
فالحب حركه قلبيه تورث احساسا وشعورا وانجذابا الى اخرين بسبب امور ادركناها فيهم سواء روحيه او شكليه او كلاهما.. فالحب قد يكون بمدركات روحيه حتى لو لم تحصل مشاهدة ولا سماع كما قد قررت ذلك في مقال مطول بعنوان ( هل نحب من لا نعرفهم)؟ وهذه الحركه في نفس الوقت لا يمكن ان تقبل حركه اخرى بنفس القوة والدرجه.. فمن تحرك قلبه لفلان من الناس بدرجه ما لا يمكن ان يتحرك لفلان في نفس الدرجه.. ولهذا في حتى في شأن الزواج فمن تزوج باثنتين فمحال ان يحبهما بدرجه واحده ومن تزوجت باكثر من رجل نتيجة طلاق او موت فانها تظل ابدا تحب واحدا منهما اكثر من الاخر..
اما تفسير ما يسمى بالحب الاول في حركة القلب.. فتفسيره دقيق.. وهو ان القلب كما قلنا قد يسكن احيانا فلا يتحرك لاحد.. وهو الذي يسميه الشعراء ( القلب الخلي) وهذا السكون نوعان
سكون تسبقه حركه.... وسكون لم تسبقه حركه.. وهو هنا الذي يدعى الحب الاول فان الحب اذا حرك القلب نحو انسان وبه كانت اول حركته فانه يحمل معاني جديده وفريده لا يمكن ان يكون موقعها في النفس والروح كحال من تتكرر معه في حياته..
والمقصود هنا ان القلب اذا تحرك بعد سكون لم تسبقه حركه فان تأثيره قوي وطويل وبعيد المدى .. فاذا سكن القلب مرة اخرى امكن تحريكه بحركه اخرى فان القلب المشغول لا يمكن التأثير عليه ولا الوصول اليه بسهوله.. فهنا يتطلب امرين الاول ان يوجد سبب يحركه كما ذكرنا سابقا ويضاف هنا امر مهم وهو افراغه من الشغل الذي نزل به..
ولهذا نسمع من يقول دوما لا ادري لماذا احب فلانا وهو لا يحبني؟ ربما هو بسبب امور ثلاثه.. اما ان قلبه لم يتحرك نحوك بسبب انه لم يجد صفة ولا سمة ولا امرا يشده اليك روحانيا او ظاهريا.. او انه وجد بك العكس وهي صفات يكرهها ولا يحبها.. او انه مشغول عنك بمحرك اخر يجذبه حتى وان كنت خاليا من العيوب ومتنزها مما يكرهه
اذن نخلص الى انه ما من حب ولا حركه قلبيه نحو الاخر الا بسبب حركنا نحوه.. وبه انجذبنا اليه.. وانه اذا لم تدرك النفس هذه المعاني ايا كانت روحيه او تشابها في الطبائع او ألفة وتناغما في الافكار او ظاهريه معاينة فان القلب لا يتحرك ابدا ولهذا من اراد ان يحرك الاخر فعليه ان يهتم بما يريد الاخر لا العكس......
ولهذا قيل / اذا اردت ان يحبك الاخر فافعل ما يحب.. فانه ينجذب اليك .. فان للانسان وما يهوى تأثير على نوعية من يختار.. سواء كان ما يحبه امورا عينيه محسوسه او مباديء وقيم وامور اروحيه..
_________________التوقيع..