كانت هناك على ضفاف البحر جالسة على بساطها و بقربها دلة الشاي، تنظر إلى قرص الشمس و هو يغطس في الأفق لينقضي يوم من حياتها التي بلغت السبعين عاماً ، ثم تنظر إلى البحر الذي تنعكس على مياهه أشعة الأفق الذهبية ، و تأخذها روعة جماله ، ولكنها لا تنسى كم بلع في جوفه من المآسي والقصص، ثم تعود إلى مكانها فتتذكر حقيقة الحياة و أنها تشابه البحر في كثير من جوانبه…
كانت تجلس قريباً منها عائلة جاءت إلى البحر لتكسر روتين الحياة اليومي، و لتنسى شيئاً من ماكينة الحياة اليومية، و ضوضائها، وما تسببه من التوترات النفسية، لاحظ بعض أفراد العائلة يقضون وقتهم، و يتناولون أطراف الحديث بأمور شتى، و يأكلون طعامهم، حتى جاوزت الساعة بعد منتصف الليل، و السيدة العجوز مازالت جالسة و حدها تحتسي الشاي و تنظر إلى البحر، لم يتمالك أحدهم نفسه : ( حجية هل تريدين ان نوصلك إلى مكان؟… عسى ما شر لا نرى عندك أحد؟ )
قالت : لا أنا أنتظر ابني !!! فقال لها: ( ولكن الوقت متأخر و الساعة الآن الواحدة و النصف بعد منتصف الليل؟ )
قالت : ( لا أدري، ولكنه ترك بيدي ورقة ) ..
أخذها ذلك الرجل وقرأها ، واذا بها ( على كل من يقرأ هذه الورقة إرسال هذه السيدة إلى دار الرعاية للمسنين ).
صعق الجميع عند معرفتهم بمأساة هذه العجوز التي كانت يوماً من الأيام مرضعة و ساهرة و حاملة لذلك العاق ثم يرميها وهي في خريف حياتها على البحر كما يرمي البحر زبده على شاطئه .. و لنأخذ نحن العبره من هذا . .و لنعلم أن مصير من يفعل هذا المثل .. و أن علينا تربيه أبنائنا التربية الصالحة لنضمن من خلالها برهم في الحياة ، و الدعاء في الممات ..