هذا هو الدين الذي كنت أبحث عنه من عشرين سنة
يبدو أن الفنان الإيطالي جينولو كابوتو قد اتخذ أخيرًا قراره باعتناق الإسلام وفضل أن ينطلق إعلانه بإسلامه من مكتب الملحق الثقافي السعودي في العاصمة الأردنية .. فهذا الفنان الذي طاف غالبية الدول العربية ودخل بيوتنا في بغداد وعمان ودمشق وتونس ومراكش والقاهرة والذي كان دائم الحديث عن الحضارتين الإسلامية والعربية وشارحاً أسباب تأثره وإعجابه بالدين الإسلامي : حسم أمره باعتناق الإسلام مؤخراً ..
هو رجل من طراز خاص .. فنان وإنسان مبدع من مدينة كونفرسانو بجنوب إيطاليا وهو المدير الفني لـ (المسرح المنتزه) الإيطالي ومدير مهرجان البحر الأبيض المتوسط في مدية بإشبيلية الإيطالية منذ عام 1986 .
فنان كثير المواهب والإبداعات الإنسانية في المسرح والسينما وكتابة النصوص الشعرية والمسرحية ولم اهتمامات متميزة في ثقافة الأطفال وفنونهم .. وهو رائد المهرجان الدولي (شعر، موسقى مسرح) الذي يقام في كل عام ـ كتقليد سنوي في مدينته الجنوبية الغارقة بالرموز العربية الساحرة .
وجنيولو كابوتو كثير التطواف في البلدان العربية والإسلامية وفي كل عام نلتقيه في عمّان كأنه أسطورة لتنوعه وشموله في محاور الفن والإبداع .. يأخذنا في أحاديث كثيرة تتشعب وتكبر في المسرح وكتاباته في القصة والتاريخ .. أفكاره تدهشنا دائمًا من خلال حبه الكبير للعرب ومعرفته بالمدن العربية.
في كل لقاء يفاجئنا بعمل فني أو ثقافي أو إنساني .. ولكن مفاجأة جينو هذه المرة مختلفة تماماً حيث أنها حدث خصب مدهش أن جينو الفنان الإيطالي اعتنق الإسلام !!
لحظات ونسمع صوت خطواته وبكلمات أسمعها من جينو مفعمة بالحلاوة والصدق والإيمان ... (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) كل خلايا جسدي (انفتحت) .. أخذتني قشعريرة لم أعد أتمالك نفسي سوى أن أفرش أوراقي أسجل هذا الحوار :
كيف جاءت فكرة إسلامك ؟
ابتسم وبدأ حديثه (بسم الله الرحمن الرحيم) وقال منذ أكثر من عشرين سنة وأنا أطوف في بلدان عربية وإسلامية، وكان يرافقني سحر روي لا أعرف مصدره وامتداد لمدينتي في جنوب إيطاليا أسمع كلمات قريبة جدًا للعربية (يا لله) نمشي ، برتقال ، واكتشف أن أهل جنوب إيطاليا من أصول عربية، كما أرى في وجوه التعساء الإيطاليات الجنوبيات ملامح عربية، عربية تماماً في الشكل والاهتمام والتحفظ والمعاملة الإنسانية.
ورحت أتوغل ـ الحديث ما زال لجينو ـ في تطوافي وأعيد مخزوني المعرفي وتوغلت في تفاصيل الإسلام، تعلم أركانه والأذان والصلاة، والإسلام له اقتراب كثير من صفات المسيح عليه السلام، وإعلان رسمي جاء مكملاً لثقافتي وعرفت أن الإسلام سلام وهذا هو الدين الذي أبحث عنه منذ أكثر من عشرين سنة .
وكيف حدث إعلانك الأخير للإسلام ؟
في زيارتي الأخيرة لعمان رحت التقي أخي وصديقي الدكتور سلطان العويضة الملحق الثقافي السعودي بعمّان الذي تفرغ لي كثير وأعطاني دروسًا في الإسلام وسير المسلمين والحديث عن سيد الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم وأهمية القرآن الكريم وتسامحه .. شعرت بانتصار روحي فور إعلاني الإسلام ودخولي صفوف المسلمين .
وكيف وجدت نفسك الآن ؟
في الإسلام، وجدت نفسي واكتشفت أن تطوافي على مدار سنة هو مقدمة لوحدة روحية سأحاول إكمالها بتعليم اللغة العربية وحفظ القرآن الكريم والمواظبة على معرفة حدود الله وقراءة الأحاديث النبوية ومعرفة تاريخ الصحابة من المسلمين الأوائل .
وكيف وجدت فلسفة الإسلام ؟
إنها فلسفة عريقة ومن ابن خلدن وابن رشد العربيان وأن الغرب ينظر إلى الإسلام نظرة خاطئة ولا يفهمون ماذا يريد الإسلام ووجدت أن كل الحضارات الإنسانية تستلهم قيمها من الدين الإسلامي نفسه.
الإسلام ليس فلسفة أو مشرعًا بل يحمل كل المعاني السامية والنبيلة ويهذب الذات البشرية ويعطي للإنسان أملاً وحياة نابضة بالخير والعطاء والإيمان وكذلك السلام وأدركت أن الإنسان لا يستطيع العيش لوحده من دون الله ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم .
وكيف سيكون توجهك الآن ؟
سأعوض كل ما فاتني من سنوات أتوجه لدعوات الله سبحانه وتعالى وأطلب رضوانه وغفرانه .. عندي قرآن كريم سأتعلم العربية واقرأ كل تفاسير القرآن الذي أصبح منهجي وطريقي .
وماذا بعد ؟
سأتزوج سيدة مسلمة وأكون عائلة مسلمة صحيحة وطموحي أن أزور مكة المكرمة وأحلم أن أراها بصفة عابد من عباد الله في موسم عمرة أو موسم حج ـ وأقبل الحجر الأسود ـ الذي قرأت عنه كثيرًا .. وأذوق تمر الجوف فالإسلام فتح بصيرتي وبصري وطور إبداعي .
عمَّان ـ المجلة 20/11/1422 هـ